الموقف الفرنسي في مواجهة السياسة الأمريكية اتجاه القضية الفلسطينية
القدس أنموذجا
مداخلة في اليوم الدراسي لقسم التاريخ – عمادة الآداب و العلوم الإنسانية – جامعة الأقصى 1/3/2018
ورقة بحثية
مقدم: من د. زياد حسن مدوخ – أستاذ مساعد, محاضر و رئيس قسم اللغة الفرنسية بجامعة الأقصى
المحور الثاني : المحور السياسي
مقدمة : طبيعة الموقف الفرنسي
1-تحليل المواقف الفرنسية ردا على قرار ترامب
2-أسباب المواقف الفرنسية المتقدمة من قضية القدس والقضية الفلسطينية
3-سرد تاريخي للمواجهات الفرنسية الأمريكية سياسيا حول فلسطين
4-الموقف الفرنسي الحالي من قضية القدس
خلاصة : أهمية الإستفادة من الموقف الفرنسي وتوظيفه
المراجع
مقدمة :
يعتبر الموقف الفرنسي ومعه الاوروبي[1] من القضية الفلسطينية موقفاً متقدماً بالمقارنة مع الموقف الأمريكي المتحيز بالكامل للجانب الإسرائيلي، و حتى و إن كان هذا الموقف لا يلبي طموحات و توقعات الشعب الفلسطيني الذي يعتمد كثيراً على فرنسا سياسيا وإقتصاديا.[2]
و بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 6 ديسمبر 2017 اعتراف الولايات المتحدة رسمياً بمدينة القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي توالت ردود الفعل االفرنسية على هذا القرار.
وللعلم فقد أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتاريخ 4 ديسمبر 2017 عبر فيها الرئيس الفرنسي عن قلقه إزاء" إمكانية إعتراف الولايات المتحدة الامريكية بشكل أحادي بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل. وذكر السيد ماكرون بان وضع القدس ينبغي حله في إطار مفاوضات سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين, تهدف بوجه خاص إلى إقامة دولتين, إسرائيلية وفلسطينية, تعيشان جنبا إلى جنب بسلام وأمن, وعاصمتهما القدس "
هذه الجملة كفيلة لنا بفهم طبيعة وأسباب الموقف الفرنسي المتقدم والمتوازن من الإعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لدولة الإحتلال.
سوف نقوم في مداخلتنا هذه بعرض و تحليل أهم المواقف السياسية الرسمية والشعبية في فرنسا من قضية القدس بعد الإعتراف الأمريكي. كما سوف نوضح الأسباب التاريخية والحالية لهذه المواقف الفرنسية المتقدمة أحيانا والهزيلة أحيانا أخرى , مع التذكير ببعض المواجهات الأمريكية-الفرنسية سياسيا حول قضايا الشرق الاوسط والقضية الفلسطينية بالأخص منذ بداية تحول الموقف الفرنسي إلى موقف متوازن[3]. للوصول إلى أهمية إستثمار وتوظيف الموقف الفرنسي لصالح عدالة قضيتنا.[4]
1-تحليل المواقف الفرنسية وردود الفعل بعد قرار ترامب:
وصفت فرنسا القرار الأمريكي عن طريق المتحدث بإسم الخارجية الفرنسية رومان نادل مساء 6 ديسمبر 2017 بأنه *غير مسئول* و* لا يشجع عملية السلام*.
ويوم 7 ديسمبر 2017 , قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مؤتمر صحفي أثناء زيارته للجزائر " هذا القرار مؤسف وفرنسا لا تؤيده ويتناقض مع القانون الدولي وقرارات مجلس الامن التابع للأمم المتحدة ".
أما الاحزاب السياسية الفرنسية ورغم إختلاف توجهاتها فقد أدانت هذا الاعلان الامريكي, حيث قال الحزب الاشتراكي ذو الأغلبية في الجمعية الوطنية الفرنسية إنه يعارض تماماً هذا الاجراء الاحادي من طرف ترامب والذي يضعف جهود السلام والتعايش بين اسرائيل وفلسطين ويصعب من مهمة عودة الطرفين الى المفاوضات، وطلب الحزب من فرنسا والاتحاد الاوروبي التصريح علناً وبكل قوة عن معارضتهما لهذا الاعلان .
فيما اعتبر جان لوك ميلانشون رئيس حزب "فرنسا الأبية"[5] وهو وريث الحزب الشيوعي الفرنسي أن" ترامب يخالف القرارات الأممية " مؤكداً ان السلام في الشرق الأوسط يمر من خلال احترام القانون الدولي.
حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف ورغم ترحيبه بانتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة إلا أنه انتقد القرار الأمريكي
وفرانسوا بايرو زعيم حزب الوسط والمتحالف مع الرئيس الفرنسي ماكرون قال إن ترامب يصب الزيت على النار
وفي البرلمان الفرنسي اعتبر نواب الحزب الشيوعي أن ترامب يصب مرة اخرى الزيت على نار الشرق الاوسط معتبرين قراره غير مسؤول وغير متوافق مع السلام، وعبر نواب الكتلة الشيوعية عن ادانتهم القوية لهذه السياسة الخطرة والعدائية تجاه فلسطين مجددين دعمهم لحل الدولتين مطالبين حكومة فرنسا الاعتراف الفوري بدولة فلسطين
كما أصدرت الجمعيات والمؤسسات المدنية وجمعيات حقوق الإنسان بيانات بمجملها كانت مدينة لخطوة ترامب ومؤكدة على ضرورة التوصل لحل سلمي وفق قرارات الامم المتحدة .
فيما شدد المجلس التمثيلي للديانة اليهودية في فرنسا[6] وهيئة تمثيل الديانة اليهودية الفرنسية عن اجماع الجمعيات مرحبين بتصريحات ترامب ومدعين أن السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين لن يتحقق "بدون الاعتراف بالحقيقة التاريخية".
ونظمت جمعيات التضامن مع الشعب الفلسطيني في فرنسا العديد من المظاهرات الشعبية في مختلف المدن الفرنسية تنديدا بالموقف الأمريكي أهمها المظاهرة الضخمة في العاصمة الفرنسية باريس بمشاركة أكثر من 20 ألف شخص.[7]
وقد افردت وسائل الإعلام الفرنسية المكتوبة والمرئية والمسموعة مساحة واسعة للحديث عن إنعاكسات القرار الامريكي حول عملية السلام.[8]
ورغم هذه المواقف المتقدمة إلا أن الجانب الفرنسي الرسمي ظل مصرا على أهمية الدور الامريكي في رعاية عملية السلام في الشرق الأوسط .
و للعلم فإن أول زيارة خارجية قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد إعلان الرئيس ترامب كانت لفرنسا بتاريخ 22 ديسمبر 2017 حيث طالب من الرئيس الفرنسي ماكرون أن يكون لأوروبا (عبر فرنسا) دور بديل في رعاية عملية السلام في الشرق الأوسط. ورد ماكرون بعبارة ( فرنسا وأوروبا سوف يواصلان دعم الجهود الدولية للسلام ) بالإشارة للدور الأمريكي الأول في مسارات التسوية.
دون أن ننسى تصويت فرنساو معظم الدول الأوروبية على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في منتصف ديسمبر 2017 بإدانة الموقف الأمريكي من قضية القدس.
هذا بالإضافة إلى إرسال الرئيس الفرنسي لمبعوثه السياسي الخاص لفلسطين بيير فيموند و لقاءاته السياسية في بداية شهر يناير 2018 مع الرئيس محمود عباس والقيادة السياسية، و استقبال الرئيس الفرنسي شخصياً لوفد من المجلس الوطني و المجلس التشريعي الفلسطيني برئاسة عزام الأحمد في قصر الإليزيه في باريس في 5 يناير 2018. حيث أكد ماكرون (الموقف الفرنسي واضح في دعم خيار الدولتين ).
وردا على قرارات المجلس المركزي الفلسطيني في 15 يناير 2018, حول موت إتفاقيات أوسلو, قال المتحدث الرسمي بإسم الخارجية االفرنسية :( تطالب فرنسا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بإحترام تعداتهما ضمن الإتفاقيات الدولية الموقعة).
و في خطاب الرئيس الفلسطيني أمام البرلمان الأوربي في بروكسل البلجيكية في 22 يناير 2018، طالب من خلاله دول الاتحاد الأوروبي بالاعتراف بدولة فلسطين.
و خلال زيارة القنصل الفرنسي العام بالقدس السيد بيير كوشارد لجامعة الأقصى يوم الثلاثاء 13 فيراير 2018 رد على سؤال طالبة من قسم اللغة الفرنسية حول الموقف الفرنسي من قضية القدس :" فرنسا موقفها واضح يجب الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية والقدس هي عاصمة للدولتين".
وقد أصر الرئيس الفلسطيني في خطابه أمام مجلس الامن يوم الثلاثاء 20 فبراير 2018 على" أهمية مشاركة دول أخرى في محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين" في إشارة لاهمية وجود أوروبا وفرنسا بالتحديد في هذه المفاوضات.
وإلتقى وزراء خارجية ست دول عربية هي مصر والأردن والإمارات والسعودية والمغرب وفلسطين بالإضافة للامين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بنظيرهم الفرنسي يوم الإثنين 26 فبراير 2018 في العاصمة البلجيكية بروكسل لبحث إحياء عملية السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. ولأعطاء دور أكبر لأوروبا عبر فرنسا في المبادرات الدولية المقترحة.
وكشف د. رياض المالكي وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني، عن توجهٍ لدول الاتحاد الأوروبي، للتفاوض مع الإدارة الأمريكية لإقناعها بتعديل بنود (صفقة القرن) التي تعتزم طرحها قريباً، وذلك لتتضمن بنوداً جديدة، تتعلق بتبني حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود عام 67 عاصمتها القدس الشرقية بالمفهوم الفلسطيني ووقف الاستيطان.
وقال المالكي في حديث لإذاعة (صوت فلسطين) الرسمية يوم الأربعاء 28 فبراير 2018:" إنه تم التوافق مع دول الاتحاد، على أن تشرع بتحركها هذا قبل أن تُعلن الإدارة الأمريكية خطتها للسلام عبر الصفقة، التي يتم الحديث عنها، وذلك للحيلولة دون رفضها."
2-أسباب المواقف الفرنسية المتقدمة
تعتبر فرنسا دولة وازنة ونوعية في الإتحاد الأوروبي ولها تأثير في قراراته بخصوص السياسة الخارجية ويمكن القول بأن أهم اسباب هذا الموقف الفرنسي المتقدم هي:
1-السياسة العربية لفرنسا وهو مصطلح يطلق على التقارب الفرنسي مع الدول العربية خصوصا دول المشرق العربي والتي بدأت مع الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول[9] بعد حرب الأيام الستة في حزيران 1967 وتعمقت في عهد الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك ( 1995-2007)[10]
2-وجود جالية عربية ومسلمة تتجاوز 7 مليون شخص[11] وأهمية جذبهم للجانب الرسمي الفرنسي
3-وجود حركة تضامن شعبي وبرلماني قوية في فرنسا-أكثر من 20 بلدية فرنسية أعطت لقب المواطنة الفخرية للمناضل الأسير مروان البرغوتي و 10 بلديات للمواطن الأسير صلاح عموري[12].
4-فرنسا تريد تزعم وتبني الموقف الأوروبي خصوصا أن الدول الأوروبية الاخرى ماعدا ألمانيا ضعيفة
5-إثبات للجانب الامريكي أن أوروبا قوية عبر الموقف الفرنسي
6-لعب دور سياسي أكبر في حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وليس فقط دور إقتصادي[13] وثقافي
7- العلاقات الجيدة التي تجمع فرنسا بالجانب الإسرائيلي.[14]
8-وجود تعاون خاص مابين السلطة الفلسطينية مع فرنسا: دعم إقتصادي-تدريب الكوادر الإدارية والأمنية في فرنسا-اللجان المشتركة-توأمة-زيارات وفود مشتركة-تعليم اللغة الفرنسية-شبكة المراكز الثقافية الفرنسية في الأراضي الفلسطينية.
9-فرنسا تعنبر مرجع في مجال حقوق الإنسان وتأييدها للقضية الفلسطينية كقضية عادلة وقضية شعب محتل
10-فرنسا تريد المحافظة على نفوذها في الشرق الاوسط من خلال البوابة الفلسطينية خصوصا بعد الإنتقادات الكبيرة لدورها في سوريا ودعمع للمعارضة السورية.
هذه المواقف تقودنا إلى سرد بعض المواجهات السياسية أو" الإشتباك الإيجابي" بلغة السياسيين بين الفرنسيين والامريكيين.
3-بعض المواجهات الفرنسية الأمريكية تاريخيا حول الشرق الأوسط
تاريخيا حصلت بعض المواجهات السياسية والإعلامية العلنية بين فرنسا وأمريكا حول الصراع في الشرق الاوسط أهمها:
1968:الرئيس الفرنسي شارل ديغول تبنى "السياسة العربية لفرنسا" وهي تقارب فرنسا مع دول المشرق العربي خاصة سياسيا وإقتصاديا بعد أن كانت فرنسا المزود الرئيسي بنظم السلاح المتطورة لإسرائيل مابين 1954 و1967 وساهمت في إنشاء مفاعل ديمونا النووي في صحراء ديمونا.
1974: في 22 نوفمبر 1974 صوتت فرنسا لقرار الامم المتحدة بالإعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كعضو مراقب في الأمم المتحدة رغم التحفظ الأمريكي وإنتقاد هذا التصويت.
1982: الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران وأثناء خطابه أمام الكنيست الإسرائلي أهمية قيام دولة فلسطينية مستقلة على أراضي 1967 قوبل بإحتجاج أمريكي " لا يساعد في إيجاد حل للصراع العربي-الإسرائلي"
1982: الدور الفرنسي في لبنان ومنافسته للدور الأمريكي في المنطقةعسكريا خاصة
2003: وصف الرئيس الأمريكي جورج بوش أوروبا" بالقارة القديمة" ردا على إمتناع معظم الدول الأوروبية على تبني القرار الأمريكي بشن الحرب على العراق , ورد وزير الخارجية الفرنسي إنذاك دوميينيك دوفلبان بأن "فرنسا التي أهدت الولايات المتحدة تمثال الحرية لها الفخر أن تكون ضمن القارة القديمة وانها دولة تصدر للعالم مبادئ السلم والحرية لا قنابل الموت والحرب "
نوفمبر 2012: فرنسا صوتت مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بقبول فلسطين كدولة مراقبة غير عضو في الامم المتحدة وحشدت أصوات أوروبية رغم التحفظ الامريكي.
يونيو 2016: في 3 يونيو 2016 دعت فرنسا إلى إجتماع دولي في العاصمة باريس بحضور 30 دولة لطرح مبادرة دولية للسلام في الشرق الاوسط. الوليات المتحدة أرادتها مبادرة إقتصادية وركزت في البيان الختامي على أهمية وجود مبادرات إقتصادية والعمل الجاد مع المجتمع المدني الفلسطيني والإسرائيلي بعيدا عن المفاوضات السياسية.
يناير 2017: في 15 يناير 2017 , إجتماع في باريس بدعوة من فرنسا بحضور 70 دولة لتقييم مؤتمر 2016 و خرج البيان الختامي بأهمية دور أكبر للمجتمع الدولي لتشجيع الطرفين لإعادة إحياء المفاوضات.
ورغم حضور الجانب الامريكي لهذين المؤتمريين إلا أن معظم النقاشات والنتائج ركزت على الجانب الإقتصادي
2017: قرار ترامب حول القدس والموقف المتوازن لفرنسا بعد هذا القرار.
4-الموقف الفرنسي الحالي من قضية القدس
يعتبر الموقف الفرنسي الرسمي رغم تقدمه لا يلبي الطموحات الرسمية والشعبية الفلسطينية
إن السياق التاريخي للأحداث يقودنا إلى تحليل أسباب تبني فرنسا موقف خجول حاليا وأهمها:
و رغم أن فرنسا و معظم دول أوروبا قد نصحت القيادة الفلسطينية بعدم تجاوز الدور الأمريكي برسالة واضحة أن أوروبا لن تكون بديلاً عن أمريكا في رعاية عملية السلام، وهذا نتيجة وجود مصالح مشتركة بين أوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية، و رغم عدم وجود اعتراف رسمي من أغلب دور أوروبا بالدولة الفلسطينية رغم الضغط الشعبي و البرلماني في هذه الدول باتجاه هذا الاعتراف إلا أن الموقف الأوربي بشكل عام و الفرنسي بشكل خاص يتجه في المرحلة القادمة نحو إيجاد دور أكبر لأوروبا في عملية السلام و في التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني جراء الإجراءات الإسرائيلية و الأمريكية (الموقف البلجيكي المتقدم بدفع أكثر من 30 مليون دولار لوكالة الغوث الدولية لمواجهة التقليصات الأمريكية). و( الموقف الفرنسي بإعتبار القدس عاصمة للدولتين).
وردا على قرار الولايات المتحدة بتقليص مساعداتها لوكالة الغوث الدولية لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين, قال المتحدث الرسمي بإسم الخارجية الفرنسية في فبراير 2018 بأن " فرنسا ورغم أسفها لهذا القرار , فأنها تأمل [ان تعود الولايات المتحدة وتدفع مساهمتها سريعا , وإن فرنسا في حوار مستمر مع الولايات المتحدة حول هذا الموضوع"
ورغم عدم وصول الخلافات الفرنسية الامريكية حول قضية القدس إلى مرحلة المواجهات السياسية حيث مازالت وجهة النظر الامريكية حول ضرورة أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية الراعي الاول لعملية السلام هي السائدة. فقد ردت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية هيذر ناورت عن دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الثلاثاء 20 فبراير 2018 إلى محادثات سلام دولية فقالت ”إذا رأينا في مرحلة ما أن دولا أخرى قد تكون مفيدة لعملية السلام، فسوف نرغب بالتأكيد في مشاركتهم“ .وأضافت ”هل الوقت مناسب لذلك الآن؟ لست على يقين من أننا قررنا ذلك، لكن هذا بالتأكيد شيء قد يحدث في المستقبل“.
ورغم أهمية اللقاء الذي عقده وزراء خارجية ست دول عربية وفلسطين بالإضافة للامين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بنظيرهم الفرنسي جون إيف لودريان يوم الإثنين 26 فبراير 2018 في العاصمة البلجيكية بروكسل على هامش إجتماع مجلس الشؤون الخارجية الأوروبية لبحث إحياء عملية السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. قالت المتحدثة بإسم الخارجية الفرنسية أنياس فون دير مول أن" أهمية اللقاء تكمن في مساندة فرنسا للمبادرات السياسية المطروحة الخاصة بعملية السلام ضمن الحوار والتنسيق الكامل مع اللجنة الرباعية ".
وتاكيدا على الدور الإقتصادي التي حصرت فيه أوروبا نفسها, أعلن الإتحاد الاوروبي ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين-أونروا- في بان مشترك يوم الثلاثاء 27 فبراير 2018 إنهما مازالا ملتزمين بحماية حقوق لاجئي فلسطين ومواصلة تقديم الخدمات الأساسية لأمثر من خمسة لاجئ فلسطيني.
وقال المفوض الأوروبي لسياسة الجوار ومفاوضات التوسع يوهانيس هان إن "الاتحاد الأوروبي لا يزال مصمما بالوفاء بالتزاماته تجاه لاجئي فلسطين والأونروا".
وأضاف "لقد قمنا بتسريع صرف تبرعاتنا لموازنة الأونروا البرامجية في عام 2018 ونحن ملتزمون بالمحافظة على المستوى الحالي من الدعم حتى عام 2020. وإنني أقدر أهمية توفير الأونروا بالقدرة على التنبؤ في هذه الظروف العصيبة".
وأشار البيان إلى أن الحوار الاستراتيجي قد ناقش وضع الموازنة الصعب للأونروا والذي تفاقم جراء الإعلان الأخير لحكومة الولايات المتحدة بوقف جزء كبير من تمويلها.
وفي بداية شهر مارس 2018 أعلنت الحكومة الفرنسية عن تخصيصها مبلغ 10 مليون يورو للمساهمة في إنشاء محطة تحلية المياه في قطاع غزة.
القدس - معا - يزور وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، نهاية مارس/آذار الجاري، الأراضي الفلسطينية، للقاء الرئيس محمود عباس.
وقال سفير فلسطين لدى باريس، سلمان الهرفي، للأناضول عبر الهاتف، إن زيارة الوزير الفرنسي تأتي في ظل تبني عدد كبير من دول الاتحاد الأوروبي للمبادرة التي أطلقها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أمام مجلس الأمن الدولي، فبراير/شباط الماضي، حول عملية السلام مع إسرائيل.
وأضاف أن "الزيارة تأتي أيضا في ظل إجماع أوروبي على تبني مبادرة عباس".
وذكر أن "الزيارة مهمة وسيكون لها ما بعدها"، دون مزيد من التفاصيل حول أسباب أهمية الزيارة والقضايا التي ستناقش خلالها.
وفبراير الماضي، قدم الرئيس الفلسطيني في خطاب ألقاه أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، مبادرة تتعلق باستئناف عملية السلام مع إسرائيل، تضمنت إيجاد رعاية دولية للمفاوضات، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، والاعتراف بها دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.
خلاصة:
هذا الموقف الفرنسي المتقدم والمتوازن من قضية القدس يقودنا إلى التوصيات التالية :
1-توظيف المواقف الفرنسية المتقدمة شعبيا وبرلمانيا والدفع بإتجاه إعتراف فرنسي رسمي ومعه أوروبي بدولة فلسطين
2-إستغلال وجود جالية عربية وإسلامية-أكثر من 7 مليون شخص--الدين الإسلامي الدين الأول في فرنسا- لتعزيز التضامن الفرنسي مع القضية الفلسطينية.
3- توسيع حركة المقاطعة الشعبية للمنتجات الإسرائلية[17] في فرنسا.
4-أهمية تعميق العلاقات الفرنسية-الفلسطينية في مختلف المجالات الثقافية والإقتصادية وصولا إلى دور سياسي أكثر قربا من عدالة القضية الفلسطينية فرنسيا وأوروبيا.
5-تعزيز دور الجالية الفلسطينية في فرنسا والسفارة الفلسطينية في حشد الدعم الرسمي, الإعلامي والشعبي للقضية الفلسطينية.
6- تنظيم أيام دراسية ومؤتمرات خاصة بالدور الفرنسي وبالعلاقات الفرنسية-الفلسطينية في فرنسا وفي فلسطين.[18]
المراجع:
1-محمد رفيق فتاح، فرنسا وإسرائيل وقضية فلسطين، مجلة شؤون فلسطينية (بيروت)، العدد 104، آذار، 1981،
2-يوسف الدرة، انتخابات رئاسة الجمهورية في فرنسا، مجلة مركز الدراسات الفلسطينية (بغداد)، العدد الأول، 1974،
بيار باكتيت، النظام السياسي والإداري في فرنسا، ترجمة عيسى عصفور، منشورات عويدات، بيروت، 1983،3
4-شحادة موسى، علاقات إسرائيل مع دول العالم 1967-1970، مركز الأبحاث في منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، 1971
5-ستار جبار الجابري، موقف فرنسا من القضية الفلسطينية 1958-1981، مجلة كلية التربية الأساسية-جامعة بابل، العدد 9، أيلول 2012
المراجع الإلكترونية:
http://samanews.ps/ar/post
http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2017/12/171220123926906.html
https://jerusalem.consulfrance.org/Aide-aux-refugies-palestiniens-au-Proche-Orient-UNRWA-Declarations-du-Porte
http://www.wafa.ps/ar_page.aspxid=vwMiPFa806284216221avwMiPF
http://www.lemondepolitique.fr/culture/conflit-israelo-palestinien.html
https://www.maannews.net/Content.aspx?id=942663
http://www.persee.fr/doc/polit_0032-342x_1971_num_36_5_1964
https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2017/12/08/1105853.html
https://www.diplomatie.gouv.fr/IMG/pdf/AFRI%2025.pdf
https://www.diplomatie.gouv.fr/ar/politique-etrangere-de-la-france/
https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2017/02/09/1017286.html
https://www.diplomatie.gouv.fr/fr/dossiers-pays/israel-territoires-palestiniens/processus-de-paix/
https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2018/02/28/1126360.html
[1] تعتبر فرنسا من أقوى دول أوروبا مع ألمانيا وهي رائدة الإتحاد الاوروبي.
[2] العلاقات الإقتصادية والثقافية بين فرنسا وفلسطين هي الأهم بين دول أوروبا والسلطة الفلسطينية.
[3] مع وصول الرئيس الفرنسي شارل ديغول للحكم وتأسيس الجمهورية الخامسة عام 1958
[4] رغم إعتراف البرلمان الفرنسي ومجلس الشيوخ بدولة فلسطين عام 2012 إلا أن فرنسا لم تعترف بالدولة الفلسطينية لحد الان
[5] الذي حل بالمركز الثاني في الإنتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2017 خلف الرئيس الحالي ماكرون.
[6] المعروف بإسم لوكريف
[7] بدعوة من الاحزاب اليسارية وتحالف جمعيات التضامن الفرنسية مع فلسطين.
[8] رغم أن أغلب وسائل الإعلام الفرنسية الرسمية لها موقف أكثر تأييدا للجانب الإسرائيلي.
[9] (1958-1970)
[10] خصوصا بعد زيارته إلى الأراضي الفلسطينية عام 1995
[11] منهم 5 مليون عربي
[12] محامي فلسطيني من القدس يحمل الجنسية الفرنسية إعتقل من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي عام 2016
[13] تعتبر أوروبا وفرنسا بالأخص من أكثر الدول المانحة للسلطة الفلسطينية منذ تأسيسها
[14] وجود حوالي مليون يهودي في فرنسا
[15] تدنيس المقابر الدينية اليهودية والإسلامية في فرنسا.
[16] صاحب كتاب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في الإعلام الغربي-ديبوك-باريس 2009
[17] المعروفة بإسم حركة BDS
[18] مثل اليوم الدراسي عام 2015 في جامعة الأقصى حول العلاقات الفرنسية-الفلسطينية.