اللغة الانجليزية

قسم اللغة الإنجليزية يدشن محاضرة إدوارد سعيد التذكارية

قسم اللغة الإنجليزية يدشن محاضرة إدوارد سعيد التذكارية
27/03/2019 - 27/03/2019

تقرير عن تدشين محاضرة إدوارد سعيد السنويّة

قام قسم اللغة الإنجليزية بجامعة الأقصى يوم الثلاثاء الموافق 19/2/2019 م الساعة الحادية عشرة صباحًا بقاعة المؤتمرات في الجامعة بتدشين محاضرة إدوارد سعيد التذكارية Edward Said Memorial Lecture تخليدًا للمفكر المرموق وتعزيزًا لإرثه الثقافي البالغ التأثير على الساحات الإقليمية والعالمية. افتتح المحاضرة رئيس قسم اللغة الإنجليزية، الدكتور محمود محمد الحرثاني مبينًا القيمة الفكرية الكبيرة لإدوارد سعيد وإرثه الثقافي ومؤكدًا على أن هذا التكريم الذي يعد الأول من نوعه في فلسطين يأتي ضمن مساعي قسم اللغة الإنجليزية للإسهام النوعي في الدراسات الثقافية داخل الجامعة وخارجها إذ يربطها مع محيطها المحلي والإقليمي والدولي. تلى ذلك عرض فيلم وثائقي قصير، بحضور رئيس الجامعة الدكتور كمال الشرافي الذي رحب بالحضور وأكد على ضرورة مثل هذه الفعاليات، عن حياة إدوارد سعيد  تبعته كلمة ترحيبية من عميد كلية الآداب أ. د. خالد صافي الذي أشاد بالفكرة وبجهود قسم اللغة الإنجليزية في هذا المضمار الهام. 

 

ثم قدم رئيس اللجنة التنسيقية للمحاضرة والأستاذ المشارك بقسم اللغة الإنجليزية بجامعة الأقصى، د. حيدر عيد المتحدث الرئيس د. سماح إدريس، معبرًا عن فخره بمثل هذه المناسبة كونها الأولى من نوعها ليس في جامعة الأقصى فحسب، وإنما في جامعات فلسطين بشكل عام، خاصةً أن المفكر إدوارد سعيد فلسطينيّ الأصل. وأضاف إلى أن هذه المحاضرة لن تكون الأخيرة بل هي بداية لسلسلة محاضرات ولقاءات مثرية قادمة. وأكدّ على ضرورة تقبل النقد البنّاء مبرهنًا أن أهمية هذه المحاضرة تنبع من توقيتها لاسيّما في خضم ازدياد المتاهة الاستهلاكية وتراجع الوعي النقدي و التوق للحرية’ كما أشار إلى ما وصفه المفكران الألمانيان تيودورأدورنو و وماكس هوركهايمر  ب "صناعة الثقافة"  وهي صناعة استهلاكية متجسدة بالفيديو كليب في إعلانات تتخللها الأغاني الهابطة  والاشاعات الجنسية عن الفنانات والفنانين ‘ الأمر الذي أوصلنا للوعي الزائف بشكل غير مسبوق في زمن ينجح فيه من يجيد اللعب والدوران نتيجة لاستهداف الوعي الإنسانيّ برمته العمل الدؤوب على إعادة تشكيله مما أدى إلى اضطراب الذات عن إنسانيتها ودخولها زنزانة الأنا الانفرادية وتطويع العقل الانساني من خلال تنمية وتشجيع البناء والاعتماد على الغرائز واضعاف التوجه النقدي الخلّاق. وأكّد على أن الهدف الرئيس للأكاديميين والأكاديميات هو مساعدة الطالب على بناء قاعدة فكرية وذهنية وثقافية جيدة و تكوين رؤية ثاقبة مكتملة الأركان في إطار ما نأمل أن يكون امتدادًا للمشروع  الفلسفي التنويري التحرري السعيديّ (نسبة إلى إدوارد سعيد) القائم على أسس علمية والحصول  على أهم الأدوات النقدية و التحليلية التي من شأنها أن تساعد على خلق مستقبل بديل  لواقعٍ مليءٍ بكلّ ما ينافي أبجديّات الحياة الكريمة.

أما المتحدث الرئيس د. سماح إدريس فهو رئيس تحرير مجلة الآداب اللبنانية، وهي من أهم المجلات الأدبية والثقافية في العالم العربي. حصل د. سماح على الدكتوراه في دراسات الشرق الأوسط من جامعة كولومبيا بنيويورك، وعلى درجة الماجستير في الأدب العربي من الجامعة الأمريكية ببيروت وكذلك على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من نفس الجامعة. بالإضافة إلى صدور كتابان له في النقد الأدبي . وله إحدى عشرة قصّة مصورة للأطفال وأربع كتابات للفتية والفتيات‘ ومئات المقالات السياسية والأدبية . كما قام د. سماح بترجمة أعمالٍ عدة لأشخاص بارزين أمثال نعوم تشومسكي ونورمان فلنكستاين وطارق علي وجلبير الأشقر و غيرهم كما أعدّ ملفات ومجلّدات عن إدوار سعيد وغسان كنفاني وخليل حاوي و جمال عبد الناصر وآخرين. ويعدّ أحد مؤسسي حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان .

هذا وقد انضم إلينا د.سماح إدريس من لبنان عبر السكايب و بدأ محاضرته بالقول أنه لا يمكن إجمال حياة إدوارد سعيد بنصف ساعة وذلك بسبب ضيق عامل الوقت وكذلك طبيعة الجمهور لا سيما أن هذه المحاضرة أقيمت في مدينة فلسطينية مشهورة بصمودها كغزّة التي وصفها بأنها أنبل وأشرف بقاع الأرض. تناول د. سماح في حديثه لمحات عن كتاب الاستشراق و كذلك الثقافة والإمبريالية و الحل في فلسطين ودور إدوارد سعيد الناقد لإسرائيل وللسلطة الفلسطينية على حدٍّ سواء خاصةً بعد توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993م. ثم اختتم موجها حديثه للطلبة بما رآه ذا فائدة لهم من إرث إدوارد سعيد الفكري.

هذا وقد أشار د. سماح إدريس في بداية حديثه الى لمحة تاريخية عن حياة إدوارد سعيد فهو طفل لأب فلسطيني وأم لبنانية. انتقل الى القاهرة ثم الى أمريكا لاكمال دراسته ثم تحدث عن كتاب صور المثقف لإدوارد سعيد وكذلك كتاب لوم الضحايا و الأنسنيّة والنقد الديمقراطي في 2003م. ويتلخص حديث د.سماح في ثلاثة أقسام:

 القسم الأول: نظرة إدوارد سعيد عن العالم

تحدث إدوارد سعيد عن الفارق المزعوم بين الشرق والغرب في كتابه الاستشراق وعلاقته بالمؤسسة الاستعمارية وتبرير سيطرة الغرب على الشرق موضحا بأن المستشرقين يتميزون بالتعامل مع الشرق "الجامد" و"المتخلف" والغرب "المتغير" و"المتقدم" كعنصرين ثابتين. يحذر سعيد الشرقيين من تشريق ذواتهم أي قبول أنفسهم بأحكام الغربيين ومحاكماتهم الزائفة‘ كما يحذر من "االتغريب " أي تضخيم الشرقيين لذواتهم. وبيّن د.سماح أن كتاب إدوارد سعيد لا يهدف إلى القراءة النمطية بتأبين الماضي والسلف‘ بل لا ينتمي الى دراسة ما بعد الكولونيالية فقط او النقد الادبي وحده بل يمضي في مسيرة كونية كاملة. ثم انتقل في حديثه إلى كتاب الثقافة والامبريالية حيث أشار إلى أن هذا الكتاب يكمّل كتاب الاستشراق من زاويتين هما دور الثقافة في خدمة الغرب بل ومنظور الغرب نحو الشرق ولمصالح السلطة الاجتماعية والاقتصادية، ثم انتقل الى كتابه الأنسنيّة والنقد الديمقراطيّ .

 القسم الثاني :نقد إدوارد سعيد للسلطة الفلسطينية

نما اهتمام إدوارد سعيد بالتاريخ الفلسطيني بعد حرب 1967م. حيث قال إدوارد سعيد "كنت منغمسا في حياة شاب بروفيسور في الأدب الانجليزي لكن بعد عام 1967م بدأت أفكر وأكتب وأسافر كأنني شخص يعتبر نفسه منغمسا بشكل مباشر في نهضة الحياة الفلسطينية والسياسة " .وقام بنشر العديد من المقالات عن القضية الفلسطينية.

وأوضح د.سماح أن مبادئ إدوارد سعيد تتلخص بالآتي:

  1. ضرورة اعتراف إسرائيل بجرائمها قبل أي عملية سلام.
  2. لا يؤمن بالخيار العسكري .
  3. كفاح الشعب الفلسطيني لا يهدف الى طرد الإسرائيليين من الشرق وإنما يهدف للمشاركة على أساس المساواة شرط تخلي الإسرائيليين عن أيديولوجيتهم
  4. التمسك بحق عودة اللاجئين.
  5. أيد في حياته حل الدولة العلمانية ثم تحوّل الى حل الدولتين الذي رفضه فيما بعد بسبب استحالة فصل الفلسطينيين والإسرائيليين عمليا.

 بدأ إدوارد سعيد نقده اللاذع لأداء لسلطة الفلسطينية و منظمة التحرير بعد توقيع اوسلو عام 1993م واتهم السلطة بأنها لا تعرف المجتمع الامريكي والمجتمع الاعلامي كذلك. وندد بلا كفاءة المفاوضين الفلسطينيين وقمع الصحفيين ودعا الى انشاء اعلام اخلاقي يظهر للعالم ما ارتكب ضدنا  ودعا الى فهم ودراسة تاريخ اليهود المحرّك .

ثم أسهب د.سماح ناقدا بقوله أن إدوارد سعيد قد بالغ  بالحض على الاخلاق بشكل يحط من أشكال المقاومة المختلفة بما فيها الكفاح المسلّح وحصره لدور الاعلام في الغرب واللاكفاءة كأسباب خلف فشل المفاوض الفلسطيني.

القسم الثالث: ماذا يتبقى من إدوارد سعيد

  1. تشريحه العلمي للاستشراق أي شيطنة الشرق من أجل تبرير الاستعمار الغربيّ له.
  2. الإدانة للرد الأصوليّ على الاستشراق
  3. انزياحه عن عالم اكاديمي مختص الى عالم اشتباك واسع ودائم
  4. شجاعته وقوله الحقيقة في وجه القوة  "دور المثقف قول الحقيقة بأكبر قدر ممكن من الوضح والمباشرة"
  5. روح إدوارد النقدية المشعة في عدة مجالات .
  6. ضرورة إتاحة الحرية الأكاديمية في الجامعة إلى أقصى مدى.

و أكد د.سماح على قوة حركة المقاطعة وتجذّر الكلمة عقود من الزمن وتأثره بإدوارد سعيد وأمثاله.

وختم معبّرا عن سعادته الغامرة بإلقائه هذه المحاضرة في جامعة الأقصى أكثر من أي جامعة أخرى بالخارج.

ثم أتيح مجال المداخلات للحضور وطرح الأسئلة على د.سماح التي بدوره أجاب عليها. ثم تم تقديم الشكر للعاملين على التحضير لهذه المحاضرة من أساتذة و طلاب و طالبات.  وعُرضت لوحة تجسّد إدوارد سعيد بريشة الفنانة الشابة ألاء الخطيب وهي أيضا من خريجات قسم اللغة الإنجليزية.